السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَءَاخَرُونَ ٱعۡتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمۡ خَلَطُواْ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَءَاخَرَ سَيِّئًا عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (102)

وقوله تعالى :

{ وآخرون } أي : وقوم آخرون مبتدأ وقوله تعالى : { اعترفوا بذنوبهم } ولم يعتذروا من تخلفهم بالمعاذير الكاذبة نعته ، والخبر { خلطوا عملاً صالحاً } أي : وهو جهادهم قبل ذلك أو اعترافهم بذنوبهم أو غير ذلك { وآخر سيئاً } أي : وهو تخلفهم { عسى الله أن يتوب عليهم إنّ الله غفور رحيم } يتجاوز عن التائب ويتفضل عليه نزلت في طائفة من المتخلفين عن غزوة تبوك ، واختلف في عددهم فعن ابن عباس أنهم كانوا ثلاثة عشر وروي عنه أنهم كانوا خمسة وقال سعيد بن جبير : كانوا ثمانية ، وقيل : كانوا ثلاثة ندموا لما بلغهم ما نزل بالمتخلفين وتابوا وقالوا : نكون في الظلال ومع النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد واللأواء فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره وقرب من المدينة قالوا : والله لنوثقنّ أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقها ويعذرنا فربطوا أنفسهم في سواري المسجد فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد على عادته في رجوعه من سفره فصلى ركعتين فرآهم فسأل عنهم فذكر له أنهم أقسموا ألا يحلوا أنفسهم حتى تحلهم وترضى عنهم فقال : ( وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أومر بإطلاقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فأنزل الله تعالى هذه الآية ) فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأطلقهم وعذرهم .