الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

وقوله سبحانه : { وَقُلِ اعملوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون وَسَتُرَدُّونَ إلى عالم الغيب والشهادة } [ التوبة : 105 ] .

هذه الآية صيغتُها صيغةُ أمْرٍ مضمَّنها الوعيدُ ، وقال الطبري : المراد بها الذين اعتذروا من المتخلِّفين وتابوا .

قال ( ع ) : والظاهر أن المراد بها الذين اعتَذَروا ، ولم يتوبوا وهم المتوعَّدون ، وهم الذين في ضمير { أَلَمْ يَعْلَمُوا } ، ومعنى : { فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ } ، أي : موجوداً معرَّضاً للجزاء عليه بخَيْرٍ أو بِشَرٍّ .

وقال ابنُ العرَبِيِّ في «أحكامه » : قوله سبحانه : { وَقُلِ اعملوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } هذه الآية نزلَتْ بعد ذكر المؤمنين ، ومعناها : الأمر ، أي : اعملوا بما يُرْضِي اللَّه سبحانه ، وأمَّا الآية المتقدِّمة ، وهي قوله تعالى : { قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } [ التوبة : 94 ] ؛ فإنها نزلت بعد ذكْر المنافقين ، ومعناها : التهديد ؛ وذلك لأن النفاق موضِعُ ترهيبٍ ، والإيمانُ موضعُ ترغيبٍ ، فقوبل أهْلُ كلِّ محلٍّ من الخطاب بما يليقُ بهم . انتهى .