تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقُلِ ٱعۡمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (105)

وقوله تعالى : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) اختلف فيه : قال بعضهم : ذلك في الذين تخلفوا[ في الأصل وم : تخلفون ] عن تبوك ، ثم ندموا ، وتابوا عن ذلك ، فتاب الله عليهم ، يقول : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) أي إن عدتم إلى ما عنه تبتم ، وهو التخلف ، يطلع الله رسوله والمؤمنين على ذلك ( وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) .

وقال بعضهم : الآية في المنافقين ، يقول : اعملوا في ما نتافقون[ في الأصل وم : تستأنفون ] فإن الله يطلع رسوله والمؤمنين على نفاقكم ، فتفتضحون حين[ في الأصل وم : حيث ] يطلعون على سرائركم/222-أ/ وستردون إلى [ ما أعد لكم عالم ][ في الأصل : ما أعد لكم ، في م : عالم ] الغيب والشهادة ؛ أي تردون إلى ما أعد لكم عالم الغيب والشهادة ( فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) أي يجزيكم جزاء ما كنتم تعملون .

يُخَرَّج ذلك على الوعيد . وذكر في بعض الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة ، والمؤمنون أيضا شهدوها ، فأثنى عليها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت ، فقيل : يا رسول الله ما وجبت ؟ قال : الملائكة شهداء الله في السماء ، وأنتم شهداء الله في الأرض ، فإذا شهدتم وجبت ثم قرأ قوله : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) فإن ثبت هذا ففيه دلالة جواز الإجماع لأنه قال : الملائكة شهداء الله في [ السماء ، وأنتم شهداء الله في ][ من من ، ساقطة من الأصلي ] الأرض ، فإذا شهدتم وجبت ، فإذا [ شهد المؤمنون ][ في الأصل وم : شهدوا ] على شر فهو شر ، وإذا شهدوا على خير فهو خير . فعلى ذلك إذا شهدوا على حكم يلزم العمل به .

وقوله تعالى : ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) ليس على الأمر أن يقول لهم جميعا : اعملوا كذا ، ولكن أن[ ساقطة من م ] كل من يلقنه هذه الآية يتفكر فيها ، ويتدبر ، فلا يقدم على عمل لا يستحسنه أن يكون رسول الله والمؤمنون بحضرة[ في الأصل وم : بحضرته ] ، فإذا خلا به لا يعمله .

وكذلك قوله : ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين )[ الأنعام : 11 ] ليس على الأمر بالسير في الأرض ، ولكن على الأمر بالتفكر والتدبر في ما نزل بهم بالتكذيب ، وكذلك قوله : ( قل هو الله أحد )[ الإخلاص : 1 ] ، ليس على الأمر أن يقول لهم ذلك ، ولكن [ على أن ][ ساقطة من الأصل وم ] يتفكر كل فيه أنه واحد .