إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لِرَبِّهِۦ لَكَنُودٞ} (6)

وقولُه تعالَى : { إِنَّ الإنسان لِرَبّهِ لَكَنُودٌ } أَيْ لكفورٌ ، مِنْ كندَ النعمةَ كنوداً ، جوابُ القسمِ . والمرادُ بالإنسانِ بعضُ أفرادِه . رُوِيَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعثَ إلى أناسٍ منْ بنِي كنانةَ سريةً ، واستعملَ عليَها المنذرَ بنَ عمروٍ الأنصاريَّ - وكانَ أحدَ النقباءِ - فأبطأ عليهِ الصلاةُ والسلامُ خبرُهَا شهراً ، فقالَ المنافقونَ : إنُهم قُتلوا ، فنزلتْ السورةُ إخباراً للنبيِّ عليهِ عليه الصلاةُ والسلامُ بسلامتِها ، وبشارةً لهُ بإغارتِها على القومِ ، ونعياً على المُرجفينَ في حقِّهم مَا هُم فيهِ من الكنودِ . وفي تخصيصِ خيلِ الغُزاةِ بالإقسامِ بَها منَ البراعةِ ما لا مزيدَ عليهِ ، كأنه قيلَ : وخيلِ الغُزاةِ التي فعلتْ كيتَ وكيتَ ، وقد أرجفَ هؤلاءِ في حقِّ أربابِها ما أرجفُوا ، إنهم مبالغونَ في الكفرانِ .