إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} (2)

والفاءُ في قولِه تعَالَى : { فَصَلّ لِرَبّكَ } لترتيبِ ما بعدَهَا على ما قبلَها ، فإنَّ إعطاءَهُ تعالَى إيَّاهُ عليهِ السلامُ ما ذكرَ من العطيةِ التي لم يُعطِهَا ولنْ يعطيهَا أحداً منَ العالمينَ مستوجبٌ للمأمورِ بهِ أيَّ استيجابٍ ، أي فدُمْ على الصلاةِ لربكَ الذي أفاضَ عليكَ هذه النعمةَ الجليلةَ التي لاَ يضاهيهَا نعمةٌ خالصةً لوجهِه خلافَ الساهينَ عنهَا ، المرائينَ فيهَا ، أداءً لحقوقِ شكرِهَا ، فإنَّ الصلاةَ جامعةٌ لجميعِ أقسامِ الشكرِ . { وانحر } البدنَ التي هيَ خيارُ أموالِ العربِ باسمِه تعالَى ، وتصدقْ على المحاويجِ خلافاً لمن يدعهُمْ ويمنعُ عنهُم الماعونَ . وعن عطيةَ : هيَ صلاةُ الفجرِ بجمعٍ ، والنحُرُ بمنًى . وقيلَ : صلاةُ العيدِ والتضحيةُ . وقيلَ : هيَ جنسُ الصلاةِ ، والنحرُ وضعُ اليمينِ على الشمالِ . وقيلَ : هُوَ أنْ يرفعَ يديهِ في التكبيرِ إلى نحرِه ، هُوَ المرويُّ عنِ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ . وعنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهمَا : استقبلِ القبلةَ بنحركَ ، وهُو قولُ الفَرَّاءِ والكَلْبي وأبي الأَحْوَص .