{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } على كل ما تكره النفسُ من الأفعال والتروك { ابتغاء وَجْهِ رَبّهِمْ } طلباً لرضاه خاصة من غير أن ينظروا إلى جانب الخلقِ رياءً وسُمعةً ، ولا إلى جانب النفس زينةً وعُجْباً ، وحيث كان الصبرُ على الوجه المذكور ، مَلاكَ الأمرِ في كل ما ذكر من الصلاة السابقة واللاحقةِ ، أُورد على صيغة الماضي اعتناءً بشأنه ودِلالةً على وجوب تحققِه ، فإن ذلك مما لا بد منه إما في أنفس الصلات ، كما فيما عدا الأولى والرابعةِ والخامسةِ ، أو في إظهار أحكامِها كما في الصلات الثلاثِ المذكورات فإنها وإن استغنت عن الصبر في أنفسها حيث لا مشقةَ على النفس في الاعتراف بالربوبية والخشيةِ والخوف ، لكن إظهارَ أحكامِها والجريَ على موجبها ، غيرُ خالٍ عن الاحتياج إليه { وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ } المفروضة { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي بعضَه الذي يجب عليهم إنفاقُه { سِرّا } لمن لم يُعرفْ بالمال أو لمن لا يتهم بترك الزكاةِ ، أو عند إنفاقِه وإعطائه مَنْ تمنعه المروءةُ من أخذه ظاهراً { وَعَلاَنِيَةً } لمن لم يكن كما ذكر أو الأول في التطوع والثاني في الفرض .
{ وَيَدْرَؤُنَ بالحسنة السيئة } أي يُجازون الإساءةَ بالإحسان أو يُتْبعون الحسنةَ السيئة فتمحوها . عن ابن عباس رضي الله عنهما : يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرِهم . وعن الحسن : إذا حُرموا أعطَوا وإذا ظُلموا عفَوا وإذا قُطعوا وصلوا . وعن ابن كيسان : إذا أذنبوا تابوا . وقيل : إذا رأوا منكراً أمروا بتغييره . وتقديمُ المجرور على المنصوب لإظهار كمالِ العنايةِ بالحسنة ، { أولئك } المنعوتون بالنعوت الجليلةِ والملكات الجميلةِ وهو مبتدأٌ خبُره الجملةُ الظرفية أعني قوله تعالى : { لَهُمْ عقبى الدار } أي عاقبةُ الدنيا وما ينبغي أن يكون مآلُ أمرِ أهلها وهي الجنة ، وقيل : الجارُ والمجرور خبرٌ لأولئك و ( عقبى الدار ) فاعل الاستقرار وأياً ما كان فليس فيه قصرٌ حتى يرِد أن بعضَ ما في حيز الصلةِ ليس من العزائم التي يُخلّ إخلالُها بالموصول إلى حسن العاقبة ، والجملةُ خبرٌ للموصولات المتعاطفةِ ، صفاتٌ لأولي الألباب عن طريقة المدحِ من غير أن يُقصد أن يكون للصلات المذكورة مدخلٌ في التذكر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.