ثم طيَّب نفسَه عليه الصلاة والسلام بطلوع تباشيره فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } استفهامٌ إنكاري والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، أي أأنكروا نزولَ ما وعدناهم أو أشكّوا أو ألم ينظرُوا في ذلك ولم يرَوا { أَنَّا نأتي الأرض } أي أرضَ الكفر { نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } بأن نفتحها على المسلمين شيئاً فشيئاً ونُلحقَها بدار الإسلام ونُذهب منها أهلها بالقتل والأسر والإجلاءِ ، أليس هذا من ذلك ؟ ومثلُه قوله عز سلطانه : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نأتي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الغالبون } [ الأنبياء ، الآية 44 ] وقوله : ننقُصها حالٌ من فاعل نأتي أو من مفعوله ، وقرئ نُنَقصها بالتشديد وفي لفظ الإتيان المؤذِن بالاستواء المحتوم والاستيلاءِ العظيم من الفخامة ما لا يخفى كما في قوله عز وجل : { وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء منثُوراً } [ الفرقان ، الآية 23 ] .
{ والله يَحْكُمُ } ما يشاء وقد حكم للإسلام بالعزة والإقبال ، وعلى الكفر بالذلة والإدبار حسبما يشاهَد من المخايل والآثار ، وفي الالتفات من التكلم إلى الغَيبة وبناءِ الحُكم على الاسم الجليل من الدِلالة على الفخامة وتربية المهابة وتحقيق مضمون الخبر بالإشارة إلى العلة ما لا يخفى ، وهي جملة اعتراضية جيء بها لتأكيد فحوى ما تقدمها ، وقوله تعالى : { لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ } اعتراضٌ في اعتراض لبيان علوّ شأن حكمِه جل جلاله ، وقيل : نصبٌ على الحالية ، كأنه قيل : والله يحكمُ نافذاً حكمُه ، كما تقول : جاء زيد لا عمامةٌ على رأسه أي حاسراً ، والمعقّب من يكُرّ على الشيء فيبطله وحقيقتُه مِن يعقّيه ويقفّيه بالرد والإبطال ، ومنه قيل لصاحب الحق : معقّب لأنه يقفّي غريمَه بالاقتضاء والطلب { وَهُوَ سَرِيعُ الحساب } فعما قليلٍ يحاسبهم ويجازيهم في الآخرة بأفانينِ العذاب غِبّ ما عذبهم بالقتل والأسر والإجلاءِ حسبما يُرى . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : سريعُ الانتقام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.