إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ} (39)

{ يَمْحُو الله مَا يَشَاء } أي ينسخ ما يشاء نسخَه من الأحكام لما تقتضيه الحكمةُ بحسب الوقت { وَيُثَبّتْ } بدلَه ما فيه المصلحةُ أو يبقيه على حاله غيرَ منسوخ أو يثبتُ ما شاء إثباتَه مطلقاً أعمَّ منهما ومن الإنشاء ابتداءً ، أو يمحو من ديوان الحفَظةِ الذين ديدنُهم كَتْبُ كلِّ قولٍ وعملِ ما لا يتعلق به الجزاءُ ويثبت الباقيَ ، أو يمحو سيئاتِ التائبِ ويثبت مكانها الحسنةَ أو يمحو قَرْناً ويثبت آخرين أو يمحو الفاسداتِ من العالم الجُسماني ويثبت الكائناتِ ، أو يمحو الأجل أو السعادة والشقاوة ، وبه قال ابن مسعود وابنُ عمر رضي الله عنهم والقائلون به يتضرعون إلى الله تعالى أن يجعلهم سعداءَ وهذا رواه جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام ، والأنسبُ تعميمُ كل من المحو والإثبات ليشمل الكل ، ويدخلُ في ذلك موادُّ الإنكار دخولاً أولياً وقرئ بالتشديد { وَعِندَهُ أُمُّ الكتاب } أي أصلُه وهو اللوحُ المحفوظُ إذ ما من شيء من الذاهب والثابت إلا وهو مكتوبٌ فيه كما هو .