إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَلَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا} (6)

{ فَلَعَلَّكَ باخع } أي مُهلكٌ { نَّفْسَكَ على آثارهم } غماً ووجداً على فراقهم وقرئ بالإضافة { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث } أي القرآنِ الذي عبّر عنه في صدر السورةِ بالكتاب ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ ثقةً بدلالة ما سبق عليه ، وقرئ بأنْ المفتوحةِ أي لأن لم يؤمنوا ، فإعمالُ باخعٌ بحمله على حكاية حالٍ ماضيةٍ لاستحضار الصورةِ كما في قوله عز وجل : { باسط ذراعيه } { أَسَفاً } مفعولٌ له لباخعٌ أي لِفَرْط الحزنِ والغضبِ أو حالٌ مما فيه الضمير أن متأسفاً عليهم ، ويجوز حملُ النظمِ الكريم على الاستعارة التبعيةِ بجعل التشبيهِ بين أجزاءِ الطرفين لا بين الهيئتين المنتزَعتين منهما كما في التمثيل ، وقد مر تحقيقُه في تفسير قوله تعالى : { خَتَمَ الله على قُلُوبِهِمْ } .