إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ} (76)

{ جنات عَدْنٍ } بدلٌ من الدرجات العلى أو بيان ، وقد مر أنّ عدْناً علمٌ لمعنى الإقامة أو لأرض الجنة فقوله تعالى : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } حال من الجنات وقوله تعالى { خالدين فِيهَا } حالٌ من الضمير في لهم والعاملُ معنى الاستقرارِ أو الإشارةِ { وَذَلِكَ } إشارةٌ إلى ما أتيح لهم من الفوز بما ذُكر من الدرجات العُلى ، ومعنى البُعد لما مر من التفخيم { جَزَاء مَن تزكى } أي تطهر من دنس الكفرِ والمعاصي بما ذكر من الإيمان والأعمالِ الصالحة ، وهذا تحقيقٌ لكون ثوابِه تعالى أبقى ، وتقديمُ ذكرِ حال المجرمِ للمسارعة إلي بيان أشدّية عذابِه ودوامِه رداً على ما ادعاه فرعونُ بقوله : { أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وأبقى } هذا وقد قيل : هذه الآياتُ الثلاثُ ابتداءُ كلامٍ من الله عز وجل ، قالوا : ليس في القرآن أن فرعونَ فعل بأولئك المؤمنين ما أوعدهم به ولم يثبُت في الأخبار .