إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{حُنَفَآءَ لِلَّهِ غَيۡرَ مُشۡرِكِينَ بِهِۦۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخۡطَفُهُ ٱلطَّيۡرُ أَوۡ تَهۡوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٖ سَحِيقٖ} (31)

{ حُنَفَاء للَّهِ } مائلين عن كلِّ دين زائغٍ إلى الدِّين الحقِّ مُخلصين لله تعالى . { غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } أي شيئاً من الأشياءِ فيدخل في ذلك الأوثانُ دخولاً أوليًّا ، وهما حالانِ من واو فاجتنبُوا { وَمَن يُشْرِكْ بالله } جملةٌ مبتدأةٌ مؤكِّدةٌ لما قبلها من الاجتناب عن الإشراك . وإظهارُ الاسمِ الجليلِ لإظهار كمالِ قُبح الإشراكِ { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السماء } لأنَّه مُسْقَط من أوجِ الإيمان إلى حضيض الكفرِ { فَتَخْطَفُهُ الطير } فإنَّ الأهواء المُرديةَ توزِّعُ أفكارَه . وقُرئ فتخَطَّفه بفتح الخاء وتشديد الطَّاءِ . وبكسرِ الخاء والطَّاء ، وبكسر التَّاءِ مع كسرهما ، وأصلُهما تَخْتطفُه { أَوْ تَهْوِي بِهِ الريح } أي تُسقطه وتقذفُه { في مَكَانٍ سَحِيقٍ } بعيدٍ ، فإنَّ الشَّيطانَ قد طوَّحَ به في الضَّلالةِ . وأو للتَّخييرِ كما في { أَوْ كَصَيّبٍ } أو للتَّنويعِ . ويجوزُ أنْ يكونَ من باب التَّشبيهِ المُركَّبِ فيكون المعنى : ومَن يُشرك بالله فقد هلكتْ نفسُه هلاكاً شَبيهاً بهلاكِ أحدِ الهالكينَ هنا .