إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{لَقَدۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَىٰٓ أَكۡثَرِهِمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (7)

واللاَّمُ في قولِه تعالى : { لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ } جوابُ القسمِ أي والله لقد ثبت وتحقَّقَ عليهم البتةَ لكن لا بطريق الجَبْرِ من غير أنْ يكون من قبلهم ما يقتضيِه بل بسبب إصرارِهم الاختياريِّ على الكُفر والإنكار وعدم تأثُّرهم من التَّذكيرِ والإنذار وغلوِّهم في العُتوِّ والطُّغيانِ وتماديهم في اتِّباعِ خُطُوات الشَّيطانِ بحيثُ لا يلويهم صارفٌ ولا يثنيهم عاطفٌ كيف لا والمرادُ بما حقَّ من القولِ قولُه تعالى لإبليسَ عند قوله لأغوينَّهم أجمعين . { لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ سورة ص ، الآية85 ] وهو المَعنيُّ بقوله تعالى : { لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ } [ سورة السجدة ، الآية13 ] كما يُلوحُ به تقديمُ الجِنَّةِ على النَّاسِ فإنَّه كما ترى قد أوقع فيه الحكم بإدخال جهنَّم على مَن تبعَ إبليسَ وذلك تعليلٌ له بتبعيته قطعاً وثبوت القولِ على هؤلاء الذين عبَّر عنهم بأكثرِهم إنَّما هو لكونِهم من جملة أولئك المصرِّين على تبعيَّةِ إبليسَ أبداً وإذ قد تبيَّن أنَّ مناطَ ثبوتِ القول وتحقُّقهِ عليهم إصرارُهم على الكُفرِ إلى الموتِ ظهر أنَّ قوله تعالى : { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } متفرِّعٌ في الحقيقةِ على ذلك لا على ثُبوت القول