إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ} (12)

{ إِنَّا نَحْنُ نُحْييِ الموتى } بيانٌ لشأنٍ عظيمٍ ينطوي على الإنذارِ والتَّبشيرِ انطواءً إجماليَّاً أي نبعثُهم بعد مماتِهم . وعن الحسنِ إحياؤهم إخراجُهم من الشِّركِ إلى الإيمانِ فهو حينئذٍ عدةٌ كريمةٌ بتحقيق المُبشَّر به { وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ } أي ما أسلفُوا من الأعمالِ الصَّالحةِ وغيرِها { وَآثَارَهُمْ } التي أبقوها من الحسناتِ كعلمٍ علمُوه أو كتابٍ ألَّفُوه أو حبيسٍ وقفُوه أو بناءٍ بنوَه من المساجدِ والرِّباطاتِ والقناطرِ وغيرِ ذلك من وجوهِ البرِّ ومن السَّيئاتِ كتأسيسِ قوانينِ الظُّلمِ والعُدوانِ وترتيبِ مبادئ الشَّرِّ والفسادِ فيما بين العبادِ وغيره ذلكَ من فُنون الشُّرور التي أحدثُوها وسنُّوها لمن بعدهم من المُفسدين . وقيل هي آثارُ إلى المشَّائينَ إلى المساجدِ ولعلَّ المرادَ أنَّها من جُملةِ الآثارِ . وقرئ ويُكتب على البناء للمفعولِ ورفعِ آثارَهم .

{ وَكُلَّ شيْء } من الأشياءِ كائناً ما كانَ { أحصيناه فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ } أصلٍ عظيمِ الشَّأنِ مظهر لجميعِ الأشياءِ ممَّا كان وما سيكونُ وهو اللَّوحُ المحفوظُ . وقرئ كلُّ شيءٍ بالرَّفعِ .