إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا} (150)

{ إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بالله وَرُسُلِهِ } أي يؤدِّي إليه مذهبُهم ويقتضيه رأيُهم لا أنهم يصرِّحون بذلك كما ينبئ عنه قولُه تعالى : { وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُوا بَيْنَ الله وَرُسُلِهِ } أي بأن يؤمنوا به تعالى ويكفُروا بهم لكن لا بأن يصرِّحوا بالإيمان به تعالى وبالكفر بهم قاطبةً بل بطريق الاستلزامِ كما يحكيه قوله تعالى : { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } أي نؤمن ببعض الأنبياءِ ونكفُر ببعضهم كما قالت اليهودُ بموسى والتوراةِ وعزيرٍ ، ونكفر بما وراء ذلك وما ذاك إلا كفرٌ بالله تعالى ورسُلِه وتفريقٌ بين الله تعالى ورسُله في الإيمان لأنه تعالى قد أمرهم بالإيمان بجميع الأنبياءِ عليهم السلام وما من نبيَ من الأنبياء إلا وقد أخبر قومَه بحقية دينِ نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم وعليهم أجمعين ، فمن كفر بواحد منهم فقد كفر بالكل وبالله تعالى أيضاً من حيث لا يحتسب { وَيُرِيدُونَ } بقولهم ذلك { أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلك } أي بين الإيمان والكفرِ { سَبِيلاً } يسلُكونه مع أنه لا واسطةَ بينهما قطعاً إذِ الحقُّ لا يتعدد وماذا بعد الحقِّ إلا الضلال .