قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ [ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً }*{ أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }*{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } ]{[10230]}
لما تكلم على طَرِيقَة المُنَافِقِين ، أخَذَ يتكَلَّم على مَذَاهَب اليَهُودِ والنَّصَارى ومناقضاتهم ، وذكر في آخِرِ هذه السُّورَةِ من هذا الجِنْسِ أنْوَاعاً :
أولها : إيمَانهم ببعْضِ الأنبياءِ دون بعضٍ ؛ لأنهم كَفَرُوا بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، فبيَّن أن الكُفْرَ به كُفْرٌ بالكُلِّ ؛ لأن ما مِنْ نَبِيٍّ إلا وقد أمَر قَوْمَه بالإيمانِ بمُحَمَّد - عليه الصلاة والسلام - وبجميع الأنْبِيَاء .
قال المُفَسِّرون{[10231]} : نزلت هذه الآيةٌ في اليَهُودِ ، وذلِك أنَّهُم آمَنُوا بمُوسَى ، والتَّوْرَاة ، وعُزَيْر ، وكَفَرُوا بعيسى ، والإنْجِيل ، وبمُحَمَّد - عليه الصلاة والسلام - ، والقرآن ، { وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً } أي : بين الإيمانِ بالكُلِّ وبَيْن الكُفْرِ بالكُلِّ سَبِيلاً ، أي : وَاسِطَة ، وهي{[10232]} الإيمانُ بالبَعْضِ دُون البَعْضِ ، وأشير ب " ذلك " وهو للمُفْرَد ، والمُرَادُ به : البَيِّنَة{[10233]} ، أي : بين الكُفْرِ والإيمانِ ، وقد تَقَدَّم نظيرها في البَقَرَة ، وفي خَبَرِ " إنَّ " قولان :
الأول : أنه مَحْذُوف ، تقديره : جمعوا المخازي .
والثاني : هو قوله : { أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } والأوَّل أحْسَن لوجهين :
أحدهما : أنه أبْلَغُ ؛ لأن الجواب إذا حُذِفَ ذهب الوَهْمُ كُلَّ مَذْهَبٍ ، فإذا ذكر بَقِي مُقْتَصِراً على المَذْكُورِ .
والثاني : أنه رأسُ آيةٍ ، والأحْسَن ألا يكون الخَبَرُ مُنْفَصِلاً عن المُبْتَدأ ، و " بَيْنَ " يجوزُ أن يكونَ مَنْصُوباً ب " يَتَّخِذُوا " ، وأن يكُون مَنْصُوباً بمحْذُوفٍ ؛ إذ هو حَالٌ من " سَبيلاً " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.