إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَرَفَعۡنَا فَوۡقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَٰقِهِمۡ وَقُلۡنَا لَهُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُلۡنَا لَهُمۡ لَا تَعۡدُواْ فِي ٱلسَّبۡتِ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (154)

{ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطور بميثاقهم } أي بسبب ميثاقِهم ليُعطوه على ما روي أنهم هموا بنقضه فرفع الله تعالى عليهم الجبلَ فجاؤوا وأقلعوا عن النقض وهو الأنسبُ بما سيأتي من قوله عز وجل : { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ ميثاقا غَلِيظاً } [ الأحزاب : 9 ، والنساء : 154 ] { وَقُلْنَا لَهُمُ } على لسان موسى عليه السلام والطورُ يظلِّلهم { ادخلوا الباب } قال قتادة : كنا نحدَّث أنه بابٌ من أبواب بيتِ المقدس ، وقيل : هو إيليا ، وقيل : هو أريحا ، وقيل : هو اسمُ قريةٍ ، وقيل : بابُ القُبةِ التي كانوا يصلون إليها فإنهم لم يدخُلوا بيتَ المقدسِ في حياة موسى عليه السلام { سُجَّدًا } أي متطامنين خاضعين { وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُوا } أي لا تظلِموا باصطياد الحيتانِ { في السبت } وقرئ لا تعتدوا ولا تعَدّوا بفتح العين وتشديد الدال على أن أصله تعتدوا فأدغمت التاءُ في الدال لتقاربهما في المخرج بعد نقل حركتها إلى العين { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ } على الامتثال بما كلّفوه { ميثاقا غَلِيظاً } مؤكداً وهو العهدُ الذي أخذه الله عليهم في التوراة ، قيل : إنهم أعطَوا الميثاقَ على أنهم إن همّوا بالرجوع عن الدين فالله تعالى يعذِّبهم بأي أنواع العذاب أراد .