إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞لَّا يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلۡجَهۡرَ بِٱلسُّوٓءِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ إِلَّا مَن ظُلِمَۚ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (148)

{ لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول } عدمُ محبتِه تعالى لشيء كنايةٌ عن سَخَطه والباءُ متعلقةٌ بالجهر ، ومِنْ بمحذوف وقع حالاً من السوء أي لا يحب الله تعالى أن يجهرَ أحدٌ بالسوء كائناً من القول { إلاَّ مَن ظُلمَ } أي إلا جهرَ مَن ظُلم بأن يدعُوَ على ظالمه أو يَتظلَّمَ منه ويذكرَه بما فيه من السوء فإن ذلك غيرُ مسخوط عنده سبحانه ، وقيل : هو أن يبدأ بالشتيمة فيردَّ على الشاتم { وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ } [ الشورى ، الآية 41 ] ، وقيل : ( ضافَ رجلٌ قوماً فلم يُطعِموه فاشتكاهم فعوتب على الشكاية فنزلت ) . وقرئ إلا من ظَلَم على البناء للفاعل فالاستثناءُ منقطِعٌ أي ولكنِ الظالمُ يرتكب ما لا يُحبه الله تعالى فيجهر بالسوء { وَكَانَ الله سَمِيعاً } لجميع المسموعاتِ فيندرجُ فيها كلامُ المظلومِ والظالم { عَلِيماً } بجميع المعلوماتِ التي من جملتها حالُ المظلومِ والظالم ، فالجملةُ تذييلٌ مقرِّرٌ لما يفيده الاستثناء .