{ وَإِن منْ أَهْلِ الكتاب } أي من اليهود والنصارى ، وقوله تعالى : { إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } جملةٌ قَسَمية وقعت صفةً لموصوف محذوفٍ إليه يرجع الضميرُ الثاني والأول لعيسى عليه السلام ، أي وما من أهل الكتاب أحدٌ إلا ليؤمِنَنّ بعيسى عليه السلام -قبل أن تَزهَقَ روحُه- بأنه عبدُ الله ورسولُه ولاتَ حينَ إيمانٍ لانقطاع وقتِ التكليفِ ، ويعضُده أنه قرئ ليؤمِنُنّ به قبل موتهم بضم النون لِما أن أحداً في معنى الجمعِ ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أنه فسّره كذلك فقال له عِكرِمة : فإن أتاه رجلٌ فضَرَبَ عُنقَه ؟ قال : لا تخرُجُ نفسُه حتى يُحرِّك بها شفتيه . قال : فإن خرَّ من فوق بيت أو احترق أو أكله سبُعٌ ؟ قال : يتكلم بها في الهواء ولا تخرُجُ روحُه حتى يؤمِنَ به ) . وعن شهرِ بنِ حَوْشبَ ( قال لي الحجاج : آيةٌ ما قرأتُها إلا تَخالَج في نفسي شيءٌ منها يعني هذه الآيةَ ، وقال : إني أوتى بالأسير من اليهود والنصارى فأضربُ عُنقَه فلا أسمعُ منه ذلك ، فقلت : إن اليهوديَّ إذا حضره الموتُ ضربت الملائكةُ دُبُرَه ووجهَه وقالوا : يا عدوَّ الله أتاك عيسى عليه السلام نبياً فكذبتَ به ، فيقول : آمنتُ أنه عبدٌ نبيٌّ ، وتقول للنصراني : أتاك عيسى عليه السلام نبياً فزعمتَ أنه الله أو ابنُ الله فيؤمنُ أنه عبدُ الله ورسولُه حيث لا ينفعه إيمانُه ، قال : وكان متكئاً فاستوى جالساً فنظر إليَّ وقال : ممن سمعتَ هذا ؟ قلت : حدثني محمدُ بنُ عليٍّ بنِ الحنفيةِ فأخذ ينكُث الأرضَ بقضيبه ثم قال : لقد أخذتُها من عين صافية ) ، والإخبارُ بحالهم هذه وعيدٌ لهم وتحريضٌ على المسارعة إلى الإيمان به قبل أن يُضْطروا إليه مع انتفاء جدواه ، وقيل : كلا الضميرين لعيسى ، والمعنى وما من أهل الكتابِ الموجودين عند نزولِ عيسى عليه السلام أحدٌ إلا ليؤمِنَنّ به قبل موته . رُوي ( أنه عليه السلام ينزِلُ من السماء في آخر الزمانِ فلا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب إلا يؤمنُ به حتى تكونَ الملةُ واحدةً وهي ملةُ الإسلام ، ويُهلك الله في زمانه الدجالَ وتقعُ الأمنة حتى ترتعَ الأسودُ مع الإبلِ والنمورُ مع البقر ، والذئابُ مع الغنمِ ويلعب الصبيانُ بالحيّاتِ ويلبث في الأرض أربعين سنةً ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفِنونه ) ، وقيل : الضميرُ الأولُ يرجِعُ إلى الله تعالى ، وقيل : إلى محمد صلى الله عليه وسلم { وَيَوْمَ القيامة يَكُونُ } أي عيسى عليه السلام { عَلَيْهِمْ } على أهل الكتاب { شَهِيداً } فيشهد على اليهود بالتكذيب وعلى النصارى بأنهم دعَوْه ابنَ الله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.