قوله تعالى : { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ }[ النساء :159 ] اختُلِفَ في معنى الآيةِ ، فقال ابن عباس ، وغيره : الضميرُ في { مَوْتِهِ } راجعٌ إلى عيسى ، والمعنى : أنه لا يبقى مِنْ أهْل الكتابِ أحَدٌ ، إذا نَزَلَ عيسى إلى الأرْضِ ، إلاَّ يؤمنُ بعيسى ، كما يؤمنُ سائرُ البَشَرِ ، وترجِعُ الأدْيَانُ كلُّها واحداً ، يعني : يرجعُونَ على دِينِ نبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم ، إذْ عيسى واحدٌ من أمته ، وعلى شريعته . ( وأئمَّتنا منَّا ) كما ورد في الحديثِ الصَّحِيح .
وقال مجاهدٌ ، وابنُ عباسٍ أيضاً وغيرهما : الضميرُ في { بِهِ } لعيسى ، وفي { مَوْتِهِ } للكتابيِّ ، لَكن عند المعاينة للمَوْتِ فهو إيمانٌ لا ينفعه ، وقال عكرمةُ : الضَّميرُ في { بِهِ } لنبيِّنا محمَّد صلى الله عليه وسلم و{ قَبْلَ مَوْتِهِ } للكتابيِّ ، قال : وليس يخرج يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ من الدنيا حتى يؤمن بمحمَّد صلى الله عليه وسلم ، ولو غَرِقَ أو سَقَطَ علَيْه جِدَارٌ ، فإنه يؤمنُ في ذلك الوقْتِ ، وفي مُصْحَفِ أبيِّ بْنِ كَعْب : ( قَبْلَ مَوْتِهِمْ ) ، ففي هذه القراءة تَقْوِيَةٌ لعود الضمير على الكتابيِّ .
قال ( ص ) : { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكتاب . . . } الآية ، إنْ : هنا نافيةٌ ، والمخبَرُ عنه محذوفٌ ، قامَتْ صفته مَقَامَهُ ، أي : وما أحدٌ من أهل الكتاب ، كما حذف في قوله تعالى : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا }[ مريم : 71 ] وقوله تعالى : { وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ }[ الصافات : 164 ] أي : وما أحدٌ منا ، وما أحدٌ منكم ، قال الشيخُ أبو حَيَّانِ : { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } : جوابُ قَسَمٍ محذوفٍ ، والقَسَم وجوابُهُ هو الخَبَرُ ، وكذلك أيضاً { إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ } و{ إِلاَّ وَارِدُهَا } هما الخَبَرُ ، قال الزَّجَّاج : " وحَذْف أَحَدٍ مطلوبٌ في كلِّ نفْيٍ يدخله الاستثناءُ ، نحْوُ : مَا قَامَ إلاَّ زَيْدٌ ، أيْ : ما قام أحدٌ إلاَّ زيد ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.