إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَعَيِينَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ} (15)

{ أَفَعَيِينَا بالخلق الأول } استئنافٌ مقررٌ لصحةِ البعثِ الذي حكيتْ أحوالُ المنكرينَ لَهُ من الأممِ المهلكةِ ، والعيُّ بالأمرِ العجزُ عَنْهُ يقالُ عيَّ بالأمرِ وعَييَ بهِ إذا لم يهتدِ لوجهِ عملِه ، والهمزةُ للإنكارِ والفاءُ للعطفِ علَى مقدرٍ ينبئ عنْهُ العيُّ من القصدِ والمباشرةِ كأنَّه قيلَ أقصدنَا الخلقَ الأولَ فعَجزنا عنْهُ حتَّى يُتوهَم عجزُنَا عنِ الإعادةِ { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ منْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } عطفٌ على مقدرٍ يدلُّ عليهِ ما قبلَهُ كأنَّه قيلَ همْ غيرُ منكرينَ لقدرتِنا على الخلقِ الأولِ بلْ هُمْ في خلطٍ وشبهةٍ في خلقٍ مستأنفٍ لما فيهِ من مخالفةِ العادةِ وتنكيرُ خلقٍ لتفخيمِ شأنِه والإشعارِ بخروجِه عنْ حدودِ العاداتِ والإيذانِ بأنَّه حقيقٌ بأنْ يبحثَ عنْهُ ويُهتمَّ بمعرفتِه .