البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَفَعَيِينَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ} (15)

{ أفعيينا بالخلق الأول } : وهو إنشاء الإنسان من نطفة على التدريج ، وتقدم تفسير عيي في قوله تعالى : { ولم يعي بخلقهن } وقرأ الجمهور : أفعيينا ، بياء مكسورة بعدها ياء ساكنة ، ماضي عيي ، كرضي .

وقرأ ابن أبي عبلة ، والوليد بن مسلم ، والقورصبي عن أبي جعفر ، والسمسار عن شيبة ، وأبو بحر عن نافع : بتشديد الياء من غير إشباع في الثانية ، هكذا قال أبو القاسم الهذلي في كتاب الكامل .

وقال ابن خالويه في كتاب شواذ القراءات له : أفعينا بتشديد الياء .

ابن أبي عبلة ، وفكرت في توجيه هذه القراءة ، إذ لم يذكر أحد توجيهها ، فخرجتها على لغة من أدغم الياء في الياء في الماضي ، فقال : عي في عيي ، وحي في حيي .

فلما أدغم ، ألحقه ضمير المتكلم المعظم نفسه ، ولم يفك الإدغام فقال : عيناً ، وهي لغة لبعض بكر بن وائل ، يقولون في رددت ورددنا : ردت وردنا ، فلا يفكون ، وعلى هذه اللغة تكون الياء المشدّدة مفتوحة .

فلو كان ن ضمير نصب ، لاجتمعت العرب على الإدغام ، نحو : ردّنا زيد .

وقال الحسن : الخلق الأول آدم عليه السلام ، والمعنى : أعجزنا عن الخلق الأول ، فنعجز عن الخلق الثاني ، وهذا توقيف للكفار ، وتوبيخ وإقامة الحجة الواضحة عليهم .

{ بل هم في لبس } : أي خلط وشبهة وحيرة ، ومنه قول علي : يا جار إنه لملبوس عليك ، اعرف الحق تعرف أهله .

{ من خلق جديد } : أي من البعث من القبور .