فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَعَيِينَا بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ} (15)

{ أفعيينا بالخلق الأول ؟ } الإستفهام للتقريع والتوبيخ ، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث الذي أنكرته الأمم ، أي : أفعجزنا بالخلق حين خلقناهم أولا ولم يكونوا شيئا ؟ فكيف نعجز عن بعثهم ؟ يقال : عييت بالأمر إذا عجزت عنه ، ولم تعرف وجهه ، قال ابن عباس : يقول لم يعينا الخلق الأول ، قال الكازروني : معناه لن نعجز عن الإبداء فلا نعجز عن الإعادة ، قرأ الجمهور بكسر الياء الأولى بعدها ياء ساكنة وقرئ بتشديد الياء من غير إشباع ، ثم ذكر سبحانه أنهم في شك من البعث فقال : { بل هم في لبس من خلق جديد } أي في شك وشبهة وحيرة واختلاط من خلق مستأنف ، وهو بعث الأموات ، لما فيه من مخالفة العادة ، وتنكير خلق لتفخيم شأنه والإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ، ويهتم بمعرفته ، ومعنى الإضراب أنهم غير منكرين لقدرة الله على الخلق الأول { بل هم في لبس من خلق جديد } قد لبس عليهم الشيطان وحيرهم ، وذلك تسويله لهم أن إحياء الموتى أمر خارج عن العادة ، فتركوا لذلك الإستدلال الصحيح وهو أن من قدر على الإنشاء كان على الإعادة أقدر .