إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

{ يَسْأَلُهُ مَن فِي السماوات والأرض } قاطبةً ما يحتاجونَ إليه في ذواتِهم ووجوداتِهم حدوثاً وبقاءً وسائرِ أحوالِهم سؤالاً مستمراً بلسانِ المقالِ أو بلسانِ الحالِ فإنَّهم كافةً من حيثُ حقائقُهم الممكنةُ بمعزلٍ من استحقاقِ الوجودِ وما يتفرعُ عليه من الكمالاتِ بالمرةِ بحيثُ لو انقطعَ ما بينَهم وبين العنايةِ الإلهية من العلاقةِ لم يشَمُّوا رائحةَ الوجودِ أصلاً فهم في كلِّ آنٍ مستمرونَ على الاستدعاءِ والسؤالِ وقد مرَّ في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا } [ سورة إبراهيم ، الآية 34 والنحل ، الآية 18 ] من سورةِ إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ { كُلَّ يَوْمٍ } أي كلَّ وقتٍ من الأوقاتِ . { هُوَ فِي شَأْنٍ } من الشؤونِ التي من جُمْلتها إعطاءُ ما سألُوا فإنَّه تعالى لا يزالُ ينشىءُ أشخاصاً ويُفني آخرينَ ويأتِي بأحوالٍ ويذهبُ بأحوالٍ حسبَما تقتضيهِ مشيئتُه المبنيةُ على الحِكم البالغةِ ، وفي الحديثِ : «من شأنِه أنْ يغفرَ ذنباً ويفرّجَ كرباً ويرفعَ قوماً ويضعَ آخرينَ »{[762]} قيل : وفيه ردٌّ على اليهودِ حيثُ يقولونَ إنَّ الله لا يقضِي يومَ السبتِ شيئاً .


[762]:أخرجه ابن ماجه في المقدمة باب (13).