إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَكَذَّبَ بِهِۦ قَوۡمُكَ وَهُوَ ٱلۡحَقُّۚ قُل لَّسۡتُ عَلَيۡكُم بِوَكِيلٖ} (66)

{ وَكَذَّبَ بِهِ } أي بالعذاب الموعود أو القرآنِ المجيد الناطقِ بمجيئه ، { قَوْمُكَ } أي المعاندون منهم ، ولعل إيرادَهم بهذا العنوان للإيذان بكمالِ سوءِ حالِهم ، فإن تكذيبَهم بذلك مع كونهم من قومه عليه الصلاة والسلام مما يقضي بغاية عَتُوِّهم ومكابرتهم ، وتقديم الجار والمجرور على الفاعل لما مر مراراً من إظهار الاهتمام بالمقدَّمِ والتشويق إلى المؤخر ، وقوله تعالى : { وَهُوَ الحق } حال من الضمير المجرورِ أي كذبوا به والحال أنه الواقعُ لا محالة ، أو أنه الكتابُ الصادقُ في كل ما نطقَ به ، وقيل : هو استئنافٌ ، وأياً ما كان ففيه دلالةٌ على عِظَم جنايتِهم ونهاية قُبْحِها { قُلْ } لهم منبِّهاً على ما يؤول إليه أمرُهم وعلى أنك قد أديتَ ما عليك من وظائف الرسالة { لستُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } بحفيظٍ وُكِّلَ إليَّ أمرُكم لأمنَعَكم من التكذيب وأُجبِرَكم على التصديق ، إنما أنا منذرٌ وقد خرجتُ عن العُهدة حيث أخبرتُكم بما سترَونه .