قوله تعالى : { وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ }
قوله : " وكذَّبَ بِهِ " " الهاء " في " به " تعود على العذاب المُتقدِّمِ في قوله : { عذاباً مِنْ فَوقِكُمْ } قاله الزمخشري{[14159]} .
وقيل : تعود على الوعيد المتضمن في هذه الآيات المتقدمة .
وقيل : على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا بعيد ؛ لأنه خُوطبَ بالكاف عقِيبَهُ ، فلو كان كذلك لقال : وكذب به قومك ، وادِّعاءُ الالتفات فيه أبْعَدُ .
وقيل : لا بد من حَذْفِ صِفَةٍ هنا ، أي : وكذب به قومك المُعَانِدُونَ ، أو الكافرون ؛ لأن قومه كلهم لم يُكَذِّبُوهُ ، كقوله :
{ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } [ هود :46 ] أي الناجين ، وحذف الصفة وبقاء الموصوف قليل جداً ، بخلاف العكس .
وقرأ ابن أبي عبلة{[14160]} : " وكذَّبت " بتاء التأنيث ، كقوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ } [ الشعراء :105 ] { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ } [ الشعراء :160 ] باعتبار الجماعة .
قوله : { وهُوَ الحقُّ } في هذه الجملة وجهان :
والثاني : أنها حالٌ من " الهاء " في " به " ، أي : كذبوا به في حالِ كونه حقَّا ، وهو أعظم في القبح .
والمعنى أن الضمير في " به " للعذاب ، فمعنى كونه حقَّا لا بد أن ينزل بهم ، وإن عاد إلى القرآن ، فمعنى كونه حقّاً ، أي : كتاب منزل من عند الله ، وإن عاد إلى تصريف الآيات أي : أنهم كذَّبوا كون هذه الأشياءِ دلالاتٍ ، وهو حق{[14161]} .
قوله : " عَلَيْكُمْ " مُتعلِّقٌ بما بعده ، وهو توكيد ، وقدم لأجل الفواصِلِ ، ويجوز أن يكون حالاً من قوله : " بِوَكِيلٍ " ؛ لأنه لو تَأخَّرَ لجاز أن يكون صفة له ، وهذا عند من يُجِيزُ تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف ، وهو اختيار جماعةٍ ، وأنشدوا عليه : [ الخفيف ]
غَافِلاً تَعْرُضُ المَنِيَّةُ لِلْمَرْ *** ءِ فَيُدْعَى وَلاتَ حينَ إبَاءُ{[14162]}
فقدم " غافلاً " على صاحبها ، وهو " المرء " ، وعلى عاملها وهو " تَعْرُضُ " فهذا أوْلَى .
لَئِنْ كَانَ بَرْدُ المَاءِ هَيْمَانَ صَادِياً *** إليَّ حَبِيباً إنَّهَا لَحَبِيبُ{[14163]}
أي : إليَّ هيمان صادِياً ، ومثله : [ الطويل ]
فَإن يَكُ أذْوَادٌ أصِبْنَ ونِسْوَةٌ *** فَلَنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ{[14164]}
" فَرْغاً " حال من " يقتل " ، و " حبال " بالمهملة اسم رَجُلٍ مع أن حرف الجر هنا زائد ، فجوازه أوْلَى مما ذكرناه .
معنى الآية : قل لهم يا محمد : لست عليكم برَقيبٍ ، وقيل : بمُسَلّط ألزمكم الإيمان شئتم أو أبيتم ، وأجازيكُمْ على تَكْذِيبكُمْ ، وإعراضكم عن قَبُولِ الدلائل ، إنما أنا رسول ومُنْذِرٌ ، والله المُجَازِي لكم بأعمالكم .
قال ابن عبَّاس والمفسرون : نسختها آية القتال ، وهو بعيد{[14165]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.