إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (63)

{ قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ من ظلمات البر والبحر } أي قل تقريراً لهم بانحطاط شركائِهم عن رتبةِ الإلهية مَنْ ينجِّيكم من شدائدهما الهائلةِ التي تُبطل الحواسَّ وتَدْحَض العقولَ ، ولذلك استُعير لها الظلماتُ المبطلةُ لحاسةِ البصَر ، يقال لليوم الشديد : يومٌ مظلم ويومٌ ذو كواكبَ أو من الخسف في البر والغرقِ في البحر ، وقرئ ينْجيكم من الإنجاء والمعنى واحد وقوله تعالى : { تَدْعُونَهُ } نصبٌ على الحالية من مفعول ( ينجِّيكم ) والضميرُ ( لمن ) أي مَن ينجّيكم منها حال كونكم داعين له ، أو من فاعله أي مَنْ ينجِّيكم منها حال كونه مدعواً من جهتكم وقوله تعالى : { تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } إما حالٌ من فاعل تدعونه أو مصدرٌ مؤكِّد له ، أي تدعونه متضرعين جِهاراً ومُسِرِّين أو تدعونه دعاءَ إعلانٍ وإخفاء ، وقرئ ( خِفية ) بكسر الخاء وقوله تعالى : { لئِنْ أنجانا } حال من الفاعل أيضاً على تقدير القول أي تدعونه قائلين : لئن أنجيتنا { مِنْ هذه } الشدة والورطة التي عبر عنها بالظلمات { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين } أي الراسخين في الشكر المداومين عليه لأجل هذه النعمةِ أو جميع النعماءِ التي من جملتها هذه ، وقرئ لئن أنجانا مراعاة لقوله تعالى : { تَدْعُونَهُ } .