إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَٰسِبِينَ} (62)

وقوله تعالى : { ثُمَّ رُدُّوا } عطفٌ على توفته ، والضمير للكلِّ المدلول عليه بأحدكم ، وهو السرُّ في مجيئه بطريق الالتفات تغليباً ، والإفرادُ أولاً والجمعُ آخِراً لوقوع التوفِّي على الانفراد والردِّ على الاجتماع أي ثم ردوا بعد البعث بالحشر { إِلَى الله } أي إلى حكمه وجزائه في موقف الحساب { مولاهم } أي مالكُهم الذي يلي أمورَهم على الإطلاق لا ناصرُهم كما في قوله تعالى : { وَأَنَّ الكافرين لاَ مولى لَهُمْ } [ محمد ، الآية 11 ] { الحق } الذي لا يقضي إلا بالعدل ، وقرئ بالنصب على المدح { أَلاَ لَهُ الحكم } يومئذ صورةً ومعنى لا لأحد غيرِه بوجه من الوجوه { وَهُوَ أَسْرَعُ الحاسبين } يحاسب جميعَ الخلائق في أسرعِ زمانٍ وأقصره لا يشغَله حسابٌ ولا شأنٌ عن شأنٍ ، وفي الحديث «إن الله تعالى يحاسب الكلَّ في مقدار حلْبِ شاة » .