إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ لَيۡسَ بِي سَفَاهَةٞ وَلَٰكِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (67)

{ قَالَ } مستعطفاً لهم ومستميلاً لقلوبهم مع ما سمع منهم ما سمع من الكلمة الشنعاءِ الموجبةِ لتغليظ القولِ والمشافهةِ بالسوء { يا قوم لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ } أي شيءٌ منها ولا شائبةٌ من شوائبها { وَلَكِنّي رَسُولٌ مِن ربّ العالمين } استدراكٌ مما قبله باعتبار ما يستلزمه ويقتضيه من كونه في الغاية القصوى من الرُّشد والأناةِ والصدقِ والأمانة ، فإن الرسالةَ من جهة ربِّ العالمين موجبةٌ لذلك حتماً ، كأنه قيل : ليس بي شيءٌ مما نسبتموني إليه ولكني في غاية ما يكون الرشدُ والصِّدقُ . ولم يصرِّحْ بنفي الكذِب اكتفاءً بما في حيز الاستدراك . و( من ) لابتداء الغايةِ مجازاً متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً لرسولٌ مؤكدةً لما أفاده التنوينُ من الفخامة الذاتية بالفخامة الإضافية .