إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ لَيۡسَ بِي ضَلَٰلَةٞ وَلَٰكِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (61)

{ قَالَ } استئناف كما سبق { يَا قَوْمِ } ناداهم بإضافتهم إليه استمالةً لقلوبهم نحو الحق { لَيْسَ بِي ضلالة } أيُّ شيءٍ ما من الضلال ، قصد عليه الصلاة والسلام تحقيقَ الحق في نفي الضلالِ عن نفسه رداً على الكفرة حيث بالغوا في إثباته له عليه الصلاة والسلام حيث جعلوه مستقراً في الضلال الواضِحِ كونُه ضلالاً ، وقوله تعالى : { وَلَكِنّي رَسُولٌ مِن ربّ العالمين } استدراكٌ مما قبله باعتبار ما يستلزِمه من كونه في أقصى مراتبِ الهداية ، فإن رسالةَ ربِّ العالمين مستلزِمةٌ لا محالة ، كأنه قيل : ليس بي شيءٌ من الضلال ولكني في الغاية القاصيةِ من الهداية . ومن لابتداء الغايةِ مجازاً متعلقةٌ بمحذوف هو صفةٌ لرسولٌ مؤكدةٌ لما يفيده التنوينُ من الفخامة الذاتي بالفخامة الإضافيةِ أي رسولٌ ، وأيُّ رسولٍ ، كائنٌ من رب العالمين .