إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (63)

{ أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ من رَبّكُمْ } جوابٌ ورد لمّا اكتُفيَ عن ذكره بقولهم : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضلال مُّبِينٍ } [ الأعراف ، الآية 60 ] من قولهم : { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مثلَنا } [ هود ، الآية 27 ] وقولِهم : { لَوْ شَاء الله لأنزَلَ ملائكة } [ المؤمنون ، الآية 24 ] والهمزةُ للإنكار والواوُ للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلامُ كأنه قيل : استبعدتم وعجِبتم من أن جاءكم ذكرٌ أي وحيٌ أو موعظةٌ من مالك أموركم ومربّيكم { على رَجُلٍ منكُمْ } أي على لسان رجلٍ من جنسكم كقوله تعالى : { مَا وعدتنا على رسلك } [ آل عمران ، 194 ] وقلتم لأجل ذلك ما قلتم من أن الله تعالى لو شاء لأنزل ملائكة { لِيُنذِرَكُمْ } علةٌ للمجيء أي ليحذرَكم عاقبةَ الكفر والمعاصي { وَلِتَتَّقُوا } عطفٌ على العلة الأولى مترتبةٌ عليها { وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } عطف على العلة الثانية مترتبةٌ عليها ، أي ولتتعلق بكم الرحمةُ بسبب تقواكم . وفائدةُ حرفِ الترجّي التنبيه على عزة المطلبِ وأن التقوى غيرُ موجبةٍ للرحمة بل هي منوطةٌ بفضل الله تعالى وأن المتقيَ ينبغي أن لا يعتمد على تقواه ولا يأمنَ عذابَ الله عز وجل .