إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (47)

{ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن ديارهم } بعد ما أُمروا بما أُمروا به من أحاسن الأعمالِ ونُهوا عما يقابلها من قبائحها ، والمرادُ بهم أهلُ مكةَ حين خرجوا لحماية العِير { بَطَراً } أي فخراً وأشَراً { وَرِئَاء الناس } ليُئنوا عليهم بالشجاعة والسماحة ، وذلك أنهم لما بلغوا جَحفةَ أتاهم رسولُ أبي سفيان وقال : ارجِعوا فقد سلِمت عِيرُكم فأبَوا إلا إظهارَ آثارِ الجلادة فلقُوا ما لقوا حسبما ذُكر في أوائل السورةِ الكريمة فنُهي المؤمنون أن يكونوا أمثالَهم مرائين بطِرين وأُمروا بالتقوى والإخلاص من حيث إن النهيَ عن الشيء مستلِزمٌ للأمر بضده { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } عطفٌ على بطَر إن جُعل مصدراً في موضع الحال وكذا إن جُعل مفعولاً له لكن على تأويل المصدر { والله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } فيجازيهم عليه .