إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

{ إِذْ يَقُولُ المنافقون } منصوبٌ بزيّن أو بنكَص أو بشديد العقاب { والذين فِي قُلُوبِهِم مرَضٌ } أي الذين لم تطمئن قلوبُهم بالإيمان بعد وبقيَ فيها نوعُ شُبهةٍ وقيل : هم المشركون وقيل : هم المنافقون في المدينة ، والعطفُ لتغايُر الوصفين كما في قوله : [ السريع ]

يا لهفَ زيابةَ للحارث *** الصابحِ فالغانم فالآيبِ{[327]}

{ غَرَّ هَؤُلاء } يعنون المؤمنين { دِينَهُمُ } حتى تعرّضوا لما طاقةَ لهم به فخرجوا وهم ثلاثُمائةٍ وبضعةَ عشرَ إلى زُهاء ألف { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله } جوابٌ لهم من جهته تعالى وردٌّ لمقالتهم { فَإِنَّ الله عَزِيزٌ } غالبٌ لا يذِلُّ من توكل عليه واستجار به وإن قلَّ { حَكِيمٌ } يفعل بحكمته البالغةِ ما تستبعده العقولُ وتحار في فهمه ألبابُ الفحول ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ لدِلالة المذكور عليه .


[327]:البيت لابن زيابة (عمرو بن لأي) في خزانة الأدب 5/107، والدرر 6/16، وسمط اللآلي ص 504، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 147، وشرح شواهد المغني ص 465، ومعجم الشعراء ص 208.