إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ} (77)

{ فَأَعْقَبَهُمْ } أي جعل الله عاقبةَ فعلِهم ذلك { نِفَاقاً } راسخاً { في قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } إلى يوم موتِهم الذي يلقون الله تعالى عنده أو يلقَون فيه جزاءَ عملِهم وهو يومُ القيامة وقيل : فأورثهم البخلَ نفاقاً متمكناً في قلوبهم ولا يلائمه قوله عز وجل : { بِمَا أَخْلَفُواْ الله مَا وَعَدُوهُ } أي بسبب إخلافِهم ما وعده تعالى من التصدق والسلاح { وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } أي وبكونهم مستمرِّين على الكذب في جميع المقالاتِ التي من جملتها وعدُهم المذكورُ ، وتخصيصُ الكذبِ به يؤدّي إلى تخلية الجمعِ بين صيغتي الماضي والمستقبلِ عن المزية فإن تسببَ الإعقابِ المذكورِ بالإخلاف والكذب يقضي بإسناده إلى الله عز وجل إذ لا معنى لكونهما سببين لإعقاب البخلِ للنفاق ، والتحقيقُ أنه لما كانت الفاءُ الدالةُ على الترتيب والتفريعِ منبئةً عن ترتب إعقابِ النفاقِ المخلّدِ على أفعالهم المحكيةِ عنهم من المعاهدة بالتصدق والصلاح والبخل والتولي والإعراض وفيها ما لا دخل له في الترتيب المذكور كالمعاهدة أزيح ما في ذلك من الإبهام بتعيين ما هو المدارُ في ذلك والله تعالى أعلم وقرىء بتشديد الذال .