جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

القول في تأويل قوله تعالى : { خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين }

يقول تعالى ذكره : ومن حججه عليكم أيضا أيها الناس ، أنه خلق الإنسان من نطفة ، فأحدث من ماء مهين خلقا عجيبا ، قلبه تارات خلقا بعد خلق في ظلمات ثلاث ، ثم أخرجه إلى ضياء الدنيا بعد ما تم خلقه ونفخ فيه الروح ، فغذاه ورزقه القوت ونماه ، حتى إذا استوى على سوقه كفر بنعمة ربه وجحد مدبره وعبد من لا يضر ولا ينفع وخاصم إلهه فقال { من يحي العظام وهي رميم } [ يس : 78 ] ونسي الذي خلقه فسواه خلقا سويا من ماء مهين .

ويعني بالمبين : أنه يبين عن خصومته بمنطقه ويجادل بلسانه ، فذلك إبانته . وعنى بالإنسان : جميع الناس ، أخرج بلفظ الواحد وهو في معنى الجميع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

وقوله { خلق الإنسان من نطفة } يريد ب { الإنسان } الجنس ، وأخذ له الغايتين ليظهر له البعد بينهما بقدرة الله ، ويروى أن الآية نزلت لقول أبي بن خلف من يحيي العظام وهي رميم ؟{[7245]} وقوله { خصيم } يحتمل أن يريد به الكفرة الذين يختصمون في الله ويجادلون في توحيده وشرعه ، ذكره ابن سلام عن الحسن البصري ، ويحتمل أن يريد أعم من هذا على أن الآية تعديد نعمة الذهن والبيان على البشر ، ويظهر أنها إذ تقدر في خصام الكافرين ينضاف إلى العبرة وعيد ما .


[7245]:ورد ذلك في قوله تعالى في الآية (78) من سورة (يس): {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم}.