وقوله : { سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { سَلامٌ هِيَ } قال : خير حَتى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة " مِنْ كُل أمْرٍ { سَلامٌ هِيَ } " أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد { سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } قال : من كلّ أمرٍ سلام .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { سَلامٌ هِيَ } قال : ليس فيها شيء ، هي خير كلها حتى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ ، قال : حدثنا عبد الحميد الحِمّانيّ ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي لَيَلى ، في قوله : " مِنْ كُلّ أمْرٍ { سَلامٌ هِيَ } " قال : لا يحدث فيها أمر .
وعُنِي بقوله : { حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } : إلى مطلع الفجر .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار ، سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائيّ { مَطْلَعِ الْفَجْرِ } بفتح اللام ، بمعنى : حتى طلوع الفجر ، تقول العرب : طلعت الشمس طلوعا ومَطْلَعا . وقرأ ذلك يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي : { حَتّى مَطْلِعِ الْفَجْرِ } بكسر اللام ، توجيها منهم ذلك إلى الاكتفاء بالاسم من المصدر ، وهم ينوون بذلك المصدر .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا : فتح اللام لصحة معناه في العربية ، وذلك أن المطلَع بالفتح هو الطلوع ، والمطلِع بالكسر : هو الموضع الذي تَطْلُع منه ، ولا معنى للموضع الذي تطلع منه في هذا الموضع .
وقال الشعبي ومنصور : { سلام } بمعنى التحية ، أي تسلم الملائكة على المؤمنين ، وقرأ ابن عباس وعكرمة والكلبي : «من كل امرىء » أي يسلم فيها من كل امرىء سوء ، فهذا على أن سلاماً بمعنى سلامة ، وروي عنه أن سلاماً بمعنى تحية ، «وكل امرىء » يراد بهم الملائكة ، أي من كل ملك تحية على المؤمنين ، وهذا للعاملين فيها بالعبادة ، وذهب من يقول بانتهاء الكلام في قوله : { سلام } إلى أن قوله : { هي } إنما هذا إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين من الشهر ، إذ هذه الكلمة هي السابعة والعشرون من كلمات السورة ، وذكر هذا الغرض ابن بكير وأبو بكر الوراق والنقاش عن ابن عباس ، وقرأ جمهور السبعة : «حتى مطلَع الفجر » بفتح اللام ، وقرأ الكسائي والأعمش وأبو رجاء وابن محيصن وطلحة : «حتى مطلِع » بكسر اللام ، فقيل : هما بمعنى مصدران في لغة بني تميم ، وقيل : الفتح المصدر ، والكسر موضع الطلوع عند أهل الحجاز ، والقراءة بالفتح أوجه على هذا القول ، والأخرى تتخرج على تجوز كان الوقت ينحصر في ذلك الموضع ويتم فيه ، ويتجه الكسر على وجه آخر ، وهو أنه قد شذ من هذه المصادر ما كسر كالمعجزة ، وقولهم : علاه المكبر بفتح الميم وكسر الباء ، ومنه المحيض ، فيجري المطلع مصدراً مجرى ما شذ ، وفي حرف أبيّ بن كعب رضي الله عنه : «سلام هي إلى مطلع الفجر » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.