قوله تعالى : { سَلاَمٌ هِيَ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّ " هي " ضمير الملائكة ، و " سلام " بمعنى التسليم ، أي : الملائكة ذاتُ تَسْليمٍ على المؤمنين . وفي التفسير : أنهم يُسَلِّمون تلك الليلةَ على كلِّ مؤمنِ ومؤمنة بالتحية . والثاني : أنها ضميرُ ليلةِ القَدْرِ ، وسلامٌ بمعنى سَلامة ، أي : ليلةُ القَدْرِ ذاتُ سلامةٍ مَنْ شيءٍ مَخوفٍ . ويجوزُ على كلٍ من التقديرَيْن أَنْ يرتفعَ " سلامٌ " على أنه خبرٌ مقدمٌ ، و " هي " مبتدأٌ مؤخرٌ ، وهذا هو المشهورُ ، وأنْ يرتفع بالابتداء و " هي " فاعلٌ به عند الأخفشِ ، لأنه لا يَشْتَرِطُ الاعتمادَ في عَمَلِ الوصفِ . وقد تقدَّم أَنْ بعضَهم يجعلُ الكلامُ تامَّاً على قولِه { بِإِذْنِ رَبِّهِم } ويُعَلِّقُ " مِنْ كلِّ أمرٍ " بما بعدَه ، وتقدَّم تأويلُه .
وقال أبو الفضل : " وقيل : معناه : هي سلامٌ مِنْ كلِّ أمرٍ أو امرئٍ ، أي : سالمةٌ أو مُسَلَّمةٌ منه . ولا يجوزُ أَنْ يكونَ " سلامٌ " - هذه اللفظةُ الظاهرةُ التي هي المصدر - عاملاً فيما قبله لامتناع تقدُّمِ معمولِ المصدرِ على المصدرِ ، كما أنَّ الصلةَ كذلك ، لا يجوزُ تقديمُها على الموصول " انتهى . وقد تقدَّم أنَّ معنى ذلك عند هذا القائلِ أَنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ مَدْلولٍ عليه ب " سَلام " فهو تفسيرُ معنىً لا تفسيرُ إعرابٍ . وما يُرْوَى عن ابنِ عباس أنَّ الكلامَ تَمَّ على قولِه تعالى { سلامٌ } ويُبْتدأ ب " هي " على أنَّها خبرُ مبتدأ ، والإِشارةُ ب " ذلك " إلى أنها ليلةُ السابعِ والعشرين ، لأن لفظةَ " هي " سابعةٌ وعشرون مِنْ كَلِمِ هذه السورةِ ، وكأنَّه قيل : ليلةُ القدر الموافقةُ في العددِ لفظةَ " هي " مِنْ كِلَمِ هذه السورةِ ، فلا ينبغي أن يُعْتَقَدَ صحتُه لأنه إلغازٌ وتبتيرٌ لنَظْم فصيحِ الكلامِ .
قوله : { هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ } متعلِّقٌ ب " تَنَزَّلُ " أو ب " سَلامٌ " ، وفيه إشكالٌ للفَصْلِ بين المصدرِ ومعمولِه بالمبتدأ ، إلاَّ يُتَوَسَّعَ في الجارِّ . وفي التفسير : أنهم لا يَزالون يُحَيُّون الناس المؤمنين حتى يَطْلُعَ الفجرُ . وقرأ الكسائي " مَطْلِعِ " بكسر اللام ، والباقون بفتحها ، والفتح هو القِياسُ ، والكسرُ سماعٌ ، وله أخوات يُحْفَظُ فيها الكسرُ ممَّا ضُمَّ مضارعُه أو فُتح نحو : المَشْرِق والمَجْزِر . وهل هما مصدران أو المفتوحُ مصدرٌ والمكسور مكانٌ ؟ خِلافٌ . وعلى كلِّ تقديرٍ فالقياسُ في المَفْعِل مطلقاً مِمَّا ضُمَّتْ عينُ مضارعِه أو فُتِحَتْ فَتْح العينِ ، وإنما يقعُ الفرقُ في المكسور العينِ الصحيح نحو : يَضْرِب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.