جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ} (5)

وقوله : { سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } سلام ليلة القدر من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { سَلامٌ هِيَ } قال : خير حَتى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة " مِنْ كُل أمْرٍ { سَلامٌ هِيَ } " أي هي خير كلها إلى مطلع الفجر .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن مجاهد { سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } قال : من كلّ أمرٍ سلام .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : { سَلامٌ هِيَ } قال : ليس فيها شيء ، هي خير كلها حتى مَطْلَعِ الْفَجْرِ .

حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقيّ ، قال : حدثنا عبد الحميد الحِمّانيّ ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي لَيَلى ، في قوله : " مِنْ كُلّ أمْرٍ { سَلامٌ هِيَ } " قال : لا يحدث فيها أمر .

وعُنِي بقوله : { حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } : إلى مطلع الفجر .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : فقرأت ذلك عامة قرّاء الأمصار ، سوى يحيى بن وثاب والأعمش والكسائيّ { مَطْلَعِ الْفَجْرِ } بفتح اللام ، بمعنى : حتى طلوع الفجر ، تقول العرب : طلعت الشمس طلوعا ومَطْلَعا . وقرأ ذلك يحيى بن وثاب والأعمش والكسائي : { حَتّى مَطْلِعِ الْفَجْرِ } بكسر اللام ، توجيها منهم ذلك إلى الاكتفاء بالاسم من المصدر ، وهم ينوون بذلك المصدر .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا : فتح اللام لصحة معناه في العربية ، وذلك أن المطلَع بالفتح هو الطلوع ، والمطلِع بالكسر : هو الموضع الذي تَطْلُع منه ، ولا معنى للموضع الذي تطلع منه في هذا الموضع .