السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ} (5)

الوجه الثالث : فضائلها : ما ذكره تعالى بقوله سبحانه : { سلام } أي : عظيم جدّاً ، وهو خبر مقدّم والمبتدأ { هي } ، جعلت سلاماً لكثرة السلام فيها من الملائكة لا يمرّون بمؤمن ولا مؤمنة إلا سلمت عليه ، ويستمرّون على ذلك من غروب الشمس { حتى } أي : إلى { مطلع الفجر } أي : وقت مطلعه ، أي : طلوعه . وقرأ الكسائي بكسر اللام على أنه كالمرجع ، واسم زمان على غير قياس كالمشرق ، والباقون بفتحها .

ومن فضائلها أنّ من قامها غفرت له ذنوبه ، ففي الصحيحين : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه » . قال النووي في «شرح مسلم » : ولا ينال فضلها إلا من أطلعه الله تعالى عليها ، فلو قامها إنسان ولم يشعر بها لم ينل فضلها . قال الأذرعي : وكلام المتولي ينازعه حيث قال : يستحب التعبد في كل ليالي العشر حتى يحوز الفضيلة على اليقين اه . وهذا أولى ، نعم حال من أطلق أكمل إذا قام بوظائفها . وعن أبي هريرة مرفوعاً : «من صلى العشاء الأخيرة في جماعة من رمضان فقد أدرك ليلة القدر » ، أي : أخذ حظاً منها . ويسنّ لمن رآها أن يكتمها ، ويسنّ أن يكثر الدعاء والتعبد في ليالي رمضان ، وأن يكون من دعائه : «اللهمّ إنك عفوّ كريم تحب العفو فاعف عني » .

ومن علاماتها أنّ الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها ، رواه مسلم عن أبيّ بن كعب وعن ابن مسعود : قال : «إنّ الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر ، فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع » . فإن قيل : لا فائدة في هذه العلامة فإنها قد انقضت . أجيب : بأنه يستحب أن يجتهد في ليلتها ويبقى يعرفها كما مرّ عن الشافعي أنها تلزم ليلة واحدة .

ختام السورة:

وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان ، وأحيا ليلة القدر » ، حديث موضوع .