تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ} (5)

وقوله تعالى : { سلام هي } قيل : { تنزل الملائكة } تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة والمغفرة .

وقيل{[23893]} : أي هي ليلة لا يحدث فيها شر ، ولا يرسل فيها شيطان { حتى مطلع الفجر } وقال بعضهم : هو سلام الملائكة ، أي يسلم الملائكة على كل مؤمن ومؤمنة . وقال بعضهم : { من كل أمر } { سلام } أي من كل آفة وبلاء سلام ، وكذلك ذكر في قوله : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله } ( الرعد : 11 ) قال بعضهم : { يحفظونه من أمر الله } يحفظونه من عذاب الله . وقال بعضهم : يحفظونه بأمر الله تعالى ، فلذلك يحتمل قوله : { من كل أمر } { سلام } هذين الوجهين :

وقوله تعالى : { هي حتى مطلع الفجر } يحتمل أي تلك البركات التي ذكرت إلى مطلع الفجر ، ويحتمل ذلك السلام الذي ذكر إلى مطلع الفجر ، ويحتمل الملائكة ، يكونون في الأرض إلى مطلع الفجر . وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قرأ { من كل أمر } { سلام } وقال : يعني الملائكة .

وقال بعضهم : اختلفت الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر . متى تكون ؟ واختلف الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فيها :

يروي عبد الله بن أنيس ( الجهني ){[23894]} عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه ){[23895]} قال : { التمسوها في العشر الأواخر ، واطلبوها في كل وتر } ( البخاري 2027 عن أبي سعيد الخدري وروى عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليلة ( تسع عشرة ){[23896]} من رمضان " أو " ليلة إحدى وعشرين " أو " ليلة ثلاث{[23897]}وعشرين " 'الترمذي : 792 ) وروى ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر ) ( مسلم 1165/206 ) ، وروي أنها في سبع وعشرين . ( وعن ){[23898]}عبد الله بن عمر أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر ، وأنا أسمع ، قال : " هي في كل رمضان " ( أبو داود 1387 ) ، وعن ( زر أنه ){[23899]} قال : قلت لأبي بن كعب : أخبرني عن ليلة القدر يا أبا المنذر ، فإن صاحبنا{[23900]} عبد الله بن مسعود سئل عنها ، فقال : " من يقم الحول يصبها " ( مسلم : 762 ) ، فقال : نعم ، رحم الله أبا عبد الرحمان ، والله لقد علم أنها في رمضان ، كره أن يتكلوا ، والله إنها في رمضان ليلة سبع وعشرين .

ثم ليس ولا لأحد أن يشير إلى تلك الليلة ، فيقول : هي ليلة كذا : ليلة سبع وعشرين ، أو تسع وعشرين ، إلا أن يثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك خبر بالإشارة إليها ، فعند ذلك يسع ، وإلا كانت مطلوبة في الليالي .

وعلى هذا الوجه تخرج الأخبار المروية على التوافق دون المناقضة ، وتكون كلها صحيحة ، فتكون في سنة ( في ){[23901]} بعض الليالي ، وفي سنة أخرى في غيرها ، وفي سنة{[23902]} في العشر الأواخر من رمضان ، وفي سنة في العشر الأوسط من رمضان ، وفي سنة في العشر الأول ، وفي سنة في غير رمضان ، والله أعلم بالصواب{[23903]} .


[23893]:من نسخة الرحم المكي في الأصل وم: وقال
[23894]:ساقطة من الأصل وم
[23895]:ساقطة من الأصل وم
[23896]:في الأصل وم: تسعة عشر
[23897]:في الأصل وم: ثلاثة
[23898]:ساقطة من الأصل وم
[23899]:في الأصل وم: زبير
[23900]:في الأصل وم: صاحبه
[23901]:ساقطة من الأصل وم
[23902]:في الأصل وم: سبع
[23903]:من م، في الأصل: بذلك