البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ} (5)

{ وسلام } : مستأنف خبر للمبتدأ الذي هو هي ، أي هي سلام إلى أول يومها ، قاله أبو العالية ونافع المقري والفراء ، وهذا على قول من قال : إن تنزلهم التقدير : الأمور لهم .

{ سلام هي } : أي هي سلام ، جعلها سلاماً لكثرة السلام فيها .

قيل : لا يلقون مؤمناً ولا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة .

وقال منصور والشعبي : سلام بمعنى التحية ، أي تسلم الملائكة على المؤمنين .

ومن قال : تنزلهم ليس لتقدير الأمور في تلك السنة ، جعل الكلام تاماً عند قوله : { بإذن ربهم } .

وقال : { من كل أمر } متعلق بقوله : { سلام هي } ، أي من كل أمر مخوف ينبغي أن يسلم منه هي سلام .

وقال مجاهد : لا يصيب أحداً فيها داء .

وقال صاحب اللوامح : وقيل معناه هي سلام من كل أمر ، وأمري سالمة أو مسلمة منه ، ولا يجوز أن يكون سلام بهذه اللفظة الظاهرة التي هي المصدر عاملاً فيما قبله لامتناع تقدم معمول المصدر على المصدر .

كما أن الصلة كذلك لا يجوز تقديمها على الموصول ، انتهى .

وعن ابن عباس : تم الكلام عند قوله : { سلام } ، ولفظة { هي } إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين من الشهر ، إذ هذه الكلمة هي السابعة والعشرون من كلمات هذه السورة ، انتهى .

ولا يصح مثل هذا عن ابن عباس ، وإنما هذا من باب اللغز المنزه عنه كلام الله تعالى .

وقرأ الجمهور : { مطلع } بفتح اللام ؛ وأبو رجاء والأعمش وابن وثاب وطلحة وابن محيصن والكسائي وأبو عمرو : بخلاف عنه بكسرها ، فقيل : هما مصدران في لغة بني تميم .

وقيل : المصدر بالفتح ، وموضع الطلوع بالكسر عند أهل الحجاز .