فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ} (5)

ثم ابتدأ بفضلها الثالث فقال { سلام هي } . أي ما هي إلا سلامة وخير كلها لا شر فيها ، وقيل : هي ذات سلامة ، ما يؤثر فيها شيطان في مؤمن أو مؤمنة ، قال : مجاهد هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى .

وقال الشعبي : هو تسليم الملائكة على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر ، يمرون على كل مؤمن ويقولون : السلام عليك أيها المؤمن ، وقيل : يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض ، وقال عطاء : يريد سلام على أولياء الله ، وأهل طاعته .

وعن ابن عباس في الآية قال : في تلك الليلة تصفد مردة الشياطين وتغل عفاريت الجن ، وتفتح فيها أبواب السماء كلها ، ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب ، فلذا قال : سلام هي { حتى مطلع الفجر } قال : وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر ، أي حتى وقت طلوعه .

قرأ الجمهور " مطلَع " بفتح اللام ، وقرئ بكسرها ، فقيل : هما لغتان في المصدر ، والفتح أكثر نحو المخرج والمقتل ، وقيل : بالفتح اسم مكان ، وبالكسر المصدر ، وقيل العكس ، و " حتى " متعلقة بتنزل على أنها غاية لحكم التنزل ، أي لمكثهم في محل تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجا بعد فوج إلى طلوع الفجر ، وقيل : متعلقة بسلام ، بناء على أن الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ مغتفر .