القول في تأويل قوله تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتّقْوَىَ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " وأْمُرْ يا محمد أهْلَكَ بالصّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْها " يقول : واصطبر على القيام بها ، وأدائها بحدودها أنت لا نَسْئَلُكَ رِزْقا يقول : لا نسألك مالاً ، بل نكلفك عملاً ببدنك ، نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ يقول : نحن نعطيك المال ونكسبكه ، ولا نسألكه .
وقوله : " والعاقبَةُ للتّقْوَى " يقول : والعاقبة الصالحة من عمل كلّ عامل لأهل التقوى والخثية من الله دون من لا يخاف له عقابا ، ولا يرجو له ثوابا . وبنحو الذي قلنا في قوله " وأْمُرْ أهْلَكَ بالصّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْها " قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، قال : كان عروة إذا رأى ما عند السلاطين دخل داره ، فقال : " لا تَمُدّنّ عَيَنَيْكَ إلى ما مَتّعْنا بهِ أزْوَاجا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الحَياةِ الدّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيِ وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وأبْقَى وأْمُرْ أهْلَكَ بالصّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْها لا نَسألُكَ رِزْقا نحْنُ نَرْزُقُكَ والعاقِبَةُ للتّقْوَى " ثم ينادي : الصلاة الصلاة ، يرحمكم الله .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عثام ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه كان إذا رأى شيئا من الدنيا جاء إلى أهله ، فقال : الصلاة وأْمُرْ أهْلَكَ بالصّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسألُكَ رِزْقا .
حدثنا العباس بن عبد العظيم ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : أخبرنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : كان يبيت عند عمر بن الخطاب من غلمانه أنا ويرفأ ، وكانت له من الليل ساعة يصليها ، فإذا قلنا لا يقوم من الليل كان قياما ، وكان إذا صلى من الليل ثم فرغ قرأ هذه الاَية : " وأْمُرْ أهْلَكَ بالصّلاةِ وَاصْطَبرْ عَلَيْها . . . " الاَية .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، مثله .
{ وأمر أهلك بالصلاة } أمره بأن يأمر أهل بيته أو التابعين له من أمته بالصلاة بعد ما أمر بها ليتعاونوا على الاستعانة بها على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت أرباب الثروة . { واصطبر عليها } وداوم عليها . { لا نسألك رزقا } أي أن ترزق نفسك ولا أهلك . { نحن نرزقك } وإياهم ففرغ بالك لأمر الآخرة . { والعاقبة } المحمودة . { للتقوى } لذوي التقوى . روي " أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أصاب أهله ضر أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.