وأما قوله : { وأمر أهلك بالصلاة } فمنهم من حمله على أقاربه ومنهم من حمله على كل أهل دينه ، وهذا أقرب وهو كقوله : { وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة } وإن احتمل أن يكون المراد من يضمه المسكن إذ التنبيه على الصلاة والأمر بها في أوقاتها ممكن فيهم دون سائر الأمة يعنى كما أمرناك بالصلاة فأمر أنت قومك بها ، أما قوله : { واصطبر عليها } فالمراد كما تأمرهم فحافظ عليها فعلا ، فإن الوعظ بلسان الفعل أتم منه بلسان القول ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعلي عليهما السلام كل صباح ويقول : « الصلاة » وكان يفعل ذلك أشهرا ، ثم بين تعالى أنه إنما يأمرهم بذلك لمنافعهم وأنه متعال عن المنافع بقوله : { لا نسألك رزقا نحن نرزقك } وفيه وجوه .
أحدها : قال أبو مسلم : المعنى أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج ، وهو كقوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } . وثانيها : { لا نسألك رزقا } لنفسك ولا لأهلك بل نحن نرزقك ونرزق أهلك ، ففرغ بالك لأمر الآخرة ، وفي معناه قول الناس : من كان في عمل الله كان الله في عمله . وثالثها : المعنى أنا لما أمرناك بالصلاة فليس ذلك لأنا ننتفع بصلاتك . فعبر عن هذا المعنى بقوله : { لا نسألك رزقا } بل نحن نرزقك في الدنيا بوجوه النعم وفي الآخرة بالثواب ، قال عبد الله بن سلام : «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة أمرهم بالصلاة وتلا هذه الآية » واعلم أنه ليس في الآية رخصة في ترك التكسب لأنه تعالى قال في وصف المتقين : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } ، أما قوله : والعاقبة للتقوى فالمراد والعاقبة الجميلة لأهل التقوى يعني تقوى الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.