فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ} (132)

{ وأمر أهلك } المراد بهم أهل بيته ، وقيل جميع أمته ولم يذكر ههنا الأمر من الله له { بالصلاة } بل قصر الأمر على أهله إما لكون إقامته لها أمرا معلوما أو لكون أمره بها قد تقدم في قوله : { وسبح بحمد ربك } الخ ، أو لكون أمره بالأمر لأهله أمرا له ؛ ولهذا قال : { واصطبر عليها } أي اصبر على محافظة الصلاة فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ولا تشتغل عنها بشيء من أمور الدنيا .

وقيل اصبر عليها فعلا ، فإن الوعظ بلسان الفعل أبلغ منه بلسان القول . أخرج ابن النجار وبن عساكر وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كان النبي صلى الله عليه وسلم يجيء إلى باب عليّ صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول : ( الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .

وأخرج أحمد والبيهقي وغيرهما عن ثابت قال :كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله : ( يا أهلاه صلوا صلوا ) قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .

وعن عبد الله بن سلام ، قال السيوطي : بسند صحيح قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة ، وقرأ { وأمر أهلك بالصلاة } الآية : وكان عروة بن الزبير إذا رأى ما عند السلاطين قرأ هذه الآية ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله ، وكان بكر بن عبد الله المزني إذا أصاب أهله خصاصة قال قوموا فصلوا ، بهذا أمر الله رسوله ، وعن مالك بن دينار مثله .

{ لا نسألك رزقا } أي لا نكلفك أن ترزق نفسك ولا أهلك وتشتغل بذلك عن الصلاة { نحن نرزقك } ونرزقهم { والعاقبة } المحمودة وهي الجنة { للتقوى } أي لأهل التقوى على حذف المضاف ، كما قال الأخفش وفيه دليل على أن التقوى هي ملاك الأمر وعليها تدور دوائر الخير .