محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ} (132)

وقوله تعالى :

{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( 132 ) } .

{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ } يعني ( بأهله ) أهل بيته أو التابعين له . أي مرهم بإقامتها لتجذب قلوبهم إلى خشية الله { وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا } أي على أدائها ، لترسخ بالصبر عليها ملكة الثبات على العبادة ، والخشوع والمراقبة ، التي ينتج عنها كل خير . ثم أشار تعالى إلى أن الأمر بها ، إنما هو لفلاح المأمور ومنفعته ، ولا يعود على الآمر بها نفع ما ، لتعاليه وتنزهه بقوله : { لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } أي لا نسألك مالا . بل نكلفك عملا ببدنك نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلا . ومعنى : نحن نرزقك ، أي نحن نعطيك المال ونكسبك ولا نسألكه . قال ابن جرير .

وقال أبو مسلم : المعنى أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة . ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج . وهو كقوله تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون } وقال بعض المفسرين : معنى الآية . أقبل مع أهلك على الصلاة واستعينوا بها على خصاصتكم . ولا تهتموا بأمر الرزق والمعيشة ، فإن رزقك مكفي من عندنا ، ونحن رازقوك . وهذا المعنى لا تدل عليه الآية منطوقا ولا مفهوما . وفيه حض على القعود عن الكسب ، ومستند للكسالى القانعين بسكنى المساجد عن السعي المأمور به . وقد قال تعالى : في وصف المتقين : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله } إشارة إلى جمعهم بين الفضيلتين . { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة } . وقوله تعالى : { وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } أي والعاقبة الحسنة من عمل كل عامل ، لأهل التقوى والخشية من الله ، دون من لا يخاف له عقابا ولا يرجو له ثوابا .