ثم أمره سبحانه وتعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ، ويمتثلها معهم ويَصْطَبِر عليها ويلازمها ، وتكفَّل هو تعالى برزْقِهِ لا إله إلاَّ هو ، وأخبره أن العَاقِبَةَ للمتقِينَ بنصره في الدنيا ، ورحمته في الآخرة ، وهذا الخطابُ للنبي صلى الله عليه وسلم ويدخل في عُمُوْمِهِ : جميعُ أمته ، ورُوِيَ : أنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي اللّه عنه كان إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم ، بادر إلَى منزله ، فدخله وهو يقول : { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } إلى قوله { وأبقى } ثم يُنَادِي : الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ رَحِمَكُمُ اللّهُ ، ويصلي .
وكان عُمَرُ بْنُ الخطَّابِ رضي اللّه عنه يوقِظُ أَهْلَ دَارِهِ لِصَلاَةِ اللَّيْلِ ويصلِّي ، هو يتمثَّلُ بالآية ، قال الداودي : وعن عَبْدِ اللّهُ بْنِ سَلاَمٍ ، قال : ( كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضِيقٌ أوْ شِدَّةٌ أمرهم بالصَّلاَةِ ، ثم قرأَ : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة } إلى قوله { للتقوى } انتهى .
قال ابن عطاء اللَّه في «التنوير » ( واعلم أنَّ هذه الآية علمت أهل الفَهْم عن اللَّه تعالى كَيْفَ يطلبون رزقَهُم ، فإذَا توقفت عليهم أسباب المعيشة ، أكثروا من الخِدْمة والموافقة ، وقَرَعُوا بابَ الرِّزْقِ بمعاملة الرزَّاق جل وعلا ثم قال : وسمعتُ شَيْخَنَا أَبَا العَبَّاس المُرْسِي رضي اللَّه عنه يقول : واللَّه مَا رَأَيْتَ العزَّ إلاَّ في رفع الهِمّة عن الخلق ، واذكر رحمك اللَّه هنا : { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] .
ففي العز الذي أَعزّ اللَّه به المؤمن رفْعُ همته إلى مولاه ، وثقتُه به دُونَ مَنْ سِوَاهُ ، واستحي من اللَّه بعد أن كساك حُلّة الإيمان ، وزينك بزينة العِرْفان أن تستولي عليك الغفلة والنسيان حتى تميل إلى الأكوان ، أو تطلب من غيره تعالى وجود إحسان ، ثم قال ورفع الهِمَّة عن الخلْقِ : هو ميزانُ ذوي الكمال ومِسْبار الرجال ، كما توزن الذَّواتُ كذلك توزن الأحوالُ والصِّفَاتُ ) انتهى .
ومن كتاب «صفوة التصوف » لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ حَدِيثٌ بسنده عن ابن عُمَرَ قال : ( أتَىَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجَلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، حَدَّثْنِي حَدِيثاً ، واجعله مُوجَزاً ، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم : ( صَلَّ صَلاَةَ مُوَدَّع ، كَأَنَكَ تَرَاهُ ، فَإنْ كُنْتَ لاَ تَرَاهُ ، فَإنَّهُ يُرَاكَ ، وَايَأَس مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ ، تَعْشِ غَنِيّاً ، وإِيَّاكَ وَمَا يُعَتَذَّرُ مِنْهُ ) ورواه أبو أيوب الأنصاري بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.