غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ} (132)

{ وأمر أهلك } في سورة مريم { وكان يأمر أهله بالصلاة } [ الآية : 55 ] أي أقبل أنت مع أهلك على عبادة الله . ومن السلف من كان إذا أصاب أهله خصاصة قال : قوموا فصلوا بهذا أمر الله رسوله ثم يتلو هذه الآية . وعن عروة بن الزبير أنه كان إذا رأى ما عند السلاطين قرأ { ولا تمدنّ عينيك } الآية . ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعليّ كل صباح ويقول : " الصلاة وكان يفعل ذلك شهراً " وقوله : { واصطبر عليها } أراد أنك كما تأمرهم بها فحافظ عليها فإن الوعظ بلسان الفعل أثم منه بلسان القول { لا نسألك رزقاً } كما يريد الملوك خراجاً من رعيتهم والسادة خرجاً من عبيدهم { بل نحن نرزقك } كقوله : { وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } [ الذاريات : 57 - 58 ] والحاصل أنا إنما أمرناك بالصلاة فذلك لأجل انتفاعك بثوابها لا لأنا ننتفع بها . وقيل : لا نسألك رزقاً لنفسك ولا لأهلك بل نحن نرزقك وإياهم فلا تهتم بأمر الرزق والمعيشة وفرغ بالك لأمر الآخرة وفي معناه قولهم " من كان في عمل الله كان الله في عمله " . وقال أهل الإشارة { ورزق ربك } رمز إلى قوله : " أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني " قال عبد الله بن سلام : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة أمرهم بالصلاة . { والعاقبة } أي الجميلة { للتقوى } . ثم عاد إلى قوله : { فاصبر على ما يقولون } . فحكى واحدة من شبهاتهم هي قولهم : { لولا يأتينا بآية من ربه } .

/خ115