اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَأۡمُرۡ أَهۡلَكَ بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱصۡطَبِرۡ عَلَيۡهَاۖ لَا نَسۡـَٔلُكَ رِزۡقٗاۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكَۗ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلتَّقۡوَىٰ} (132)

قوله : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة } أي : قَوْمك .

وقيل : مَنْ كان على دينك كقوله تعالى{[27528]} : { وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة }{[27529]} وحمله بعضهم على أقاربه{[27530]} .

" واصْطَبِرْ عليها " أي : اصبِرْ على الصلاة وحافظ عليها فإنها تَنْهى عن الفحشاء والمنكر . وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ نزول هذه الآية يذهب إلى فاطمة وعليّ -عليهما السلام{[27531]}- في{[27532]} كلِّ صباحٍ ويقول : " الصَّلاة " {[27533]} . ثم بيَّن تعالى أنَّما أمرهم بذلك لنفعهم وأنه{[27534]} متعال{[27535]} عن المنافع ، فقال : { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً } أي : لا نكلفك أن{[27536]} ترزق أحداً من خلقنا ، ولا أن ترزق نفسَك ، وإنما نكلفُكَ عَمَلاً فَفَرِّغْ بالَك لأمر الآخرة ، كما قال بعضهم : مَنْ كان في عمل الله كان الله في عمله{[27537]} . وقال أبو مسلم : معناه إنما يُريدُ منه{[27538]} أن يرزقه كما يريد السادة من العبيد الخراج ، ونظيره { وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ }{[27539]} {[27540]} . وقيل : المعنى{[27541]} إنما أمرناك بالصَّلاة لا لأنا ننتفع{[27542]} بصلاتك{[27543]} . " نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ " في الدنيا بوجود النعم ، وفي الآخرة بالثواب قال عبد الله بن سلام : كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل بأهلِهِ ضِيقٌ أو شِدَّةٌ أمرهم بالصلاة ، وتلا هذه الآية{[27544]} .

" وَالعَاقِبَةُ " الجميلة المحمودة " لِلتَّقْوَى " {[27545]} أي : لأهل التقوى . قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : ( الذين صدَّقوك واتَّبعوك واتقون ){[27546]} {[27547]} ، ويؤيده قوله في موضع آخر ، { والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ }{[27548]} . وقرأ ابنُ وثاب : " نَرْزُقكَ " بإدغام القاف في الكاف{[27549]} ، والمشهور عنه أنه لا يدغم إلا إذا كانت الكاف متصلة بميم جمع{[27550]} نحو : خَلَقَكُمْ ، كما تقدم .


[27528]:تعالى: سقط من ب.
[27529]:من قوله تعالى: {وكان يـأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا} [مريم: 55].
[27530]:انظر الفخر الرازي 22/136. بتصرف.
[27531]:في ب: عليهما الصلاة والسلام.
[27532]:في : سقط من ب.
[27533]:انظر الفخر الرازي 22/136 – 137.
[27534]:في ب: لتنفعهم وأنهم ينتفعون بذلك وأنه تعالى.
[27535]:في الأصل: متعالي.
[27536]:في ب: على أن.
[27537]:انظر الفخر الرازي 22/137.
[27538]:في ب: حينئذ. وهو تحريف.
[27539]:[الذاريات: 56، 57].
[27540]:انظر الفخر الرازي 22/137.
[27541]:في ب: المراد.
[27542]:في ب: بالصلاة لنفعك لا لأن انتفع.
[27543]:انظر الفخر الرازي 22/137.
[27544]:انظر الفخر الرازي 22/137.
[27545]:في الأصل: التقوى. وهو تحريف.
[27546]:انظر البغوي 5/470.
[27547]:ما بين القوسين في ب: الذين صدّقوا واتبعوني.
[27548]:[الأعراف: 128]، [القصص: 83].
[27549]:البحر المحيط 6/292.
[27550]:جمع: سقط من ب.