جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{أَمَّن جَعَلَ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَجَعَلَ خِلَٰلَهَآ أَنۡهَٰرٗا وَجَعَلَ لَهَا رَوَٰسِيَ وَجَعَلَ بَيۡنَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ حَاجِزًاۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَمّن جَعَلَ الأرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلََهٌ مّعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : أعبادة ما تشركون أيها الناس بربكم خير وهو لا يضرّ ولا ينفع ، أم الذي جعل الأرض لكم قرارا تستقرّون عليها لا تميد بكم وَجَعَلَ لكم خِلاَلَها أنهارا يقول : بينها أنهارا وجعل لَها رَوَاسِيَ وهي ثوابت الجبال ، وَجَعَلَ بينَ البَحْرَيْنِ حاجِزا بين العذب والمالح ، أن يفسد أحدهما صاحبه أءِلَهٌ مَعَ الله سواه فعل هذه الأشياء فأشركتموه في عبادتكم إياه ؟ وقوله : { بَلْ أكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } يقول تعالى ذكره : بل أكثر هؤلاء المشركين لا يعلمون قدر عظمة الله ، وما عليهم من الضرّ في إشراكهم في عبادة الله غيره ، وما لهم من النفع في إفرادهم الله بالألوهة ، وإخلاصهم له العبادة ، وبراءتهم من كلّ معبود سواه .