التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

ثم بين - سبحانه - ما يخاطب به الإِنسان بعد أن فتح كتابه أمامه ، فقال - تعالى - { اقرأ كتابك كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً } .

أى : ويقال له بعد أن وجد كتابه منشورا أمامه ، اقرأ كتابك هذا ، وما اشتمل عليه من أعمال صدرت عنك فى الدنيا ، كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا .

أى : محاسبا ، كجليس بمعنى مجالس ، أو حاسبا وعادًّا كصريم بمعنى صارم يقال حسب فلان على فلان قوله ، إذا عده عليه .

ولفظ { كفى } هنا لازم ، ويطرد فى هذه الحالة جر فاعله بالباء المزيدة لتوكيد الكفاية و { حسيبا } تمييز ، وعليك متعلق به .

وتارة يأتى لفظ { كفى } متعديا ، كما فى قوله - تعالى - : { وَكَفَى الله المؤمنين القتال }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

وقوله { اقرأ كتابك } حذف من الكلام يقال له اختصار الدلالة الظاهرة عليه ، و «الحسيب » الحاسب ونصبه على التمييز ، وأسند الطبري عن الحسن أنه قال : يا بن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك يكتب حسناتك والآخر عن شمالك يحفظ سيئاتك ، فاعمل ما شئت أو قلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتاباً تلقاه منشوراً { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } قد عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك .

قال القاضي أبو محمد : فعلى هذه الألفاظ التي ذكر يكون الطائر ما يتحصل مع آدم من عمله في قبره فتأمل لفظه ، وهذا هو قول ابن عباس وقال قتادة في قوله : { اقرأ كتابك } إنه سيقرأ يومئذ من لم يكن يقرأ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبٗا} (14)

جملة اقرأ { كتابك } مقول قول محذوف دل عليه السياق .

والأمر في { اقرأ } مستعمل في التسخير ومكنى به عن الإعذار لهم والاحتجاج عليهم كما دل عليه قوله : { كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ، ولذلك كان معرفة تلك الأعمال من ذلك الكتاب حاصلة للقارىء .

والقراءة : مستعملة في معرفة ما أثبت للإنسان من الأعمال أو في فهم النقوش المخصوصة إن كانت هنالك نقوش وهي خوارق عادات .

والباء في قوله : { بنفسك } مزيدة للتأكيد داخلة على فاعل { كفى } كما تقدم في قوله : { وكفى بالله شهيدا } في سورة [ النساء : 79 ] .

وانتصب { حسيباً } على التمييز لنسبة الكفاية إلى النفس ، أي من جهة حسيب . والحسيب : فعيل بمعنى فاعل مثل ضريب القداح بمعنى ضاربها ، وصريم بمعنى صارم ، أي الحاسب والضابط . وكثر ورود التمييز بعد ( كفى بكذا ) .

وعدي ب ( على ) لتضمينه معنى الشهيد . وما صدق النفس هو الإنسان في قوله : { وكل إنسان ألزمناه طائره } فلذلك جاء { حسيباً } بصيغة التذكير .